أخر المقالات
تحميل...

هل سمعتم من قبل بما يسمى ‏بديانات‬ ‏الأسرار‬ ؟

هل سمعتم من قبل بما يسمى ‏بديانات‬ ‏الأسرار‬ ؟
نعم هي ديانات اتباعها مخفيون او بالاحرى يخفون ما تحتويه عقيدتهم . و مخططاتها .
فلتعلمو أن أهمية تجديد البحث الفكري في العقائد القديمة، والتي يظن معظم الناس أنه فات أوانها، أو أنها فنيت حتى من ذاكرة التاريخ، متناسين أن الفكر كالمادة لا يفنى بل يتفكك إلى مقوماته الأساسية، ثم تعاد صياغته في قوالب وأشكال جديدة.
وأما السر ( Mystery ) فقد رافق الفكر الديني منذ بداياته. وهو «حقيقة دينية» أو «حقيقة عقلية» فوق مستوى استيعاب البشر، خارقة للطبيعة لا تخضع للعلم أو المعرفة أو البرهان. ومع أن الأفراد المشبعين بالفكر المادي والعلوم التطبيقية يرفضون الأسرار، إلا أن الأكثرية الساحقة من المجتمعات تؤمن بها وتصدقها.
وقد تطور الفكر الديني عن الروحانية Animism أي أن لكل شيء في هذا الوجود نفسا، وهناك قوة غيبية تحرك كل شيء في الوجود.
وتعتبر الحضارات المصرية والإغريقية والرومانية والسومرية والبابلية القديمة مهد ديانات الأسرار. وتتشابه الكثير من هذه الديانات في هذه الحضارات في الجوهر وذلك لانتمائها إلى جذر مشترك وهو عصر الزراعة.
ومن أهم ديانات الأسرار: الهرمسية، والاورفية، والفيثاغورثية.
و الهرمسية : منظومة من التعاليم والعقائد المنسوبة إلى الإله المصري تحوتي أو توت(Thoth) وقد دعاه الإغريق هرمس « المثلث العظمة»
(Hermas Trismegistus) . وتنسب إليه مختلف العلوم كالسحر والخيميا والكتابة والحكمة و الكابالا . وهو ابن «زفس» كبير الآلهة. وهرمس مشتق من الكلمة هِرِم ((Herem التي تعني كومة حجارة. ودخلت العربية في اسم هَرَم كأهرام مصر.وللجماعات الهرمسية تقاليدها الخاصة في ديانة العرفان ((Gnosticism.
ومن حيث العقيدة فإن الهرمسيين والغنوصيين متقاربون جداً من الناحية الروحية. وتشترك المدرستان بأشياء كثيرة. فالفريقان مكرسان لعقيدة العرفان « Gnosis » أي الحصول على المعارف العليا.
. والكتابات المنسوبة إلى هرمس ـ توت تقسم إلى صنفين : الهرمسية الشعبية وتتعلق بالتنجيم والعلوم السرية.والهرمسية المثقفة وتتعلق بعلم اللاهوت والفلسفة .
وتعكس الهرمسية الشعبية أفكار وعقائد الناس، أما الكتابات اللاهوتية يمثلها بشكل رئيس ( 17 ) مقالة، وتعود للقرون الثلاثة الأولى من العصر المسيحي، وهي مليئة بالروحانية والتصوف الشيطاني. العقيدة مصرية وأما الفلسفة واللغة فيونانيتان وقد انتشرت الهرمسية بواسطة العرب وأثرت في مفكري الغرب.
و لتعلمو أن الهرمسية هي الاصل وهي العقيدة الصحيحة لكل من الطوائف التالية .
الروزيكروشن - الماسونيون الاحرار - المتنورون - اللوسيفرية - الكاباليستية - و جماعة الفجر الذهبي .... الخ
وقد ذكر هرمس تكراراً في أدب عصر النهضة. وما يسمى بالأدب الهرمسي هو سلسلة من البرديات. وأشهر المقطوعات الهرمسية هي «الرؤيا». وفيها يشرح معرفة الكون والعلوم السرية عند المصريين المتعلقة بالثقافة وكشف النفس البشرية. أو الرقي الى مرتبة التنوير أو الهالة . أو بمعنى آخر ألوهية البشر .
وقد زاد تأثير الهرمسية في الثقافة الغربية في عصر النهضة وجماعات الأسرار وحتى بدايات القرن العشرين حيث تم ترجمة ونشر كافة الوثائق باسم «هرمس الأعظم ثلاثاً» عام 1906 على يد( GrsMead ) وهو باحث انجليزي وسفسطائي. ويورد المؤلف ( 13) مقالاً من كتابات الهرمسية تشرح عقيدتهم وفلسفتهم وكذلك الترنيمة السرية.
وبنهاية الألفية الأخيرة ق.م أصبحت ديانات الأسرار تسلية الارستقراطية ودّب فيها الفساد. حتى مدارس الأطهار الأورفية دخلها الانحطاط . وكان هذا الانحطاط أحد العوامل التي قادت إلى قيام التيار اليهودي المسيحي المعاصر كردة فعل ضد الوثنية الانحلالية التي وجدت داخل الإمبراطورية الرومانية على الأخص. والأورفية كانت آخر الأسرار الوثنية التي بقيت في الغرب حتى القرن الخامس الميلادي.
وبنهاية القرن الخامس الميلادي انتهت الأورفية ولكن بعد أن تركت العديد من مقوماتها في الأديان الجديدة اللاحقة وخاصة الديانة الغنوصية، التي لم تكن سوى إعادة تكوين أو تجديد للاورفية، رغم أنها كانت مسيحية بالاسم فقط.
وظهرت الغنوصية أولاً في مصر وآسيا الصغرى في القرن الثاني الميلادي كآخر تجليات للحركة الأورفية. ثم ازدهرت بعد قرنين من ذلك ودخلت في عدة طوائف، عاكسة بذلك تعدد المذاهب التي وجدت داخل الأورفية وانبثقت الغنوصية من الأسرار الأورفية، كما انبثقت الأورفية من الأسرار الديونيسية.

إرسال تعليق

أعلى الصفحة